مواضيعالاسلامتفسير القرآن الكريمتفسير قوله تعالى ” يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله “

تفسير قوله تعالى ” يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله “

بواسطة : admin | آخر تحديث : 24 مارس، 2021 | المشاهدات: 229

تفسير قوله تعالى ” يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله “

( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ) ( 45 ) ( وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين ( 46 ) )

هذا تعليم الله عباده المؤمنين آداب اللقاء ، وطريق الشجاعة عند مواجهة الأعداء ، [ فقال ] ( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا )

ثبت في الصحيحين ، عن عبد الله بن أبي أوفى ، عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه انتظر في بعض أيامه التي لقي فيها العدو حتى إذا مالت الشمس قام فيهم فقال : يا أيها الناس ، لا تتمنوا لقاء العدو ، واسألوا الله العافية ، فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف . ثم قام النبي – صلى الله عليه وسلم – وقال : اللهم منزل الكتاب ، ومجري السحاب ، وهازم الأحزاب ، اهزمهم وانصرنا عليهم .

[ ص: 71 ] وقال عبد الرزاق ، عن سفيان الثوري ، عن عبد الرحمن بن زياد ، عن عبد الله بن يزيد ، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : لا تتمنوا لقاء العدو ، واسألوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاثبتوا واذكروا الله فإن أجلبوا وضجوا فعليكم بالصمت .

وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي ، حدثنا أمية بن بسطام ، حدثنا معتمر بن سليمان ، حدثنا ثابت بن زيد ، عن رجل ، عن زيد بن أرقم ، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : إن الله يحب الصمت عند ثلاث : عند تلاوة القرآن ، وعند الزحف ، وعند الجنازة .

وفي الحديث الآخر المرفوع يقول الله تعالى : إن عبدي كل عبدي الذي يذكرني وهو مناجز قرنه أي : لا يشغله ذلك الحال عن ذكري ودعائي واستعانتي .

وقال سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة في هذه الآية ، قال : افترض الله ذكره عند أشغل ما تكونون عند الضراب بالسيوف .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عبدة بن سليمان ، حدثنا ابن المبارك ، عن ابن جريج ، عن عطاء قال : وجب الإنصات والذكر عند الزحف ، ثم تلا هذه الآية ، قلت : يجهرون بالذكر ؟ قال : نعم .

وقال أيضا : قرئ على يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني عبد الله بن عياش عن يزيد بن قوذر ، عن كعب الأحبار قال : ما من شيء أحب إلى الله تعالى من قراءة القرآن والذكر ، ولولا ذلك ما أمر الناس بالصلاة والقتال ، ألا ترون أنه أمر الناس بالذكر عند القتال ، فقال : ( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون )

قال الشاعر : ذكرتك والخطى يخطر بيننا وقد نهلت فينا المثقفة السمر وقال عنترة :
ولقد ذكرتك والرماح شواجر فينا وبيض الهند تقطر من دمي
[ ص: 72 ] [
فوددت تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرك المتبسم
] فأمر تعالى بالثبات عند قتال الأعداء والصبر على مبارزتهم ، فلا يفروا ولا ينكلوا ولا يجبنوا ، وأن يذكروا الله في تلك الحال ولا ينسوه بل يستعينوا به ويتكلوا عليه ، ويسألوه النصر على أعدائهم ، وأن يطيعوا الله ورسوله في حالهم ذلك . فما أمرهم الله تعالى به ائتمروا ، وما نهاهم عنه انزجروا ، ولا يتنازعوا فيما بينهم أيضا فيختلفوا فيكون سببا لتخاذلهم وفشلهم .

( وتذهب ريحكم ) أي : قوتكم وحدتكم وما كنتم فيه من الإقبال ، ( واصبروا إن الله مع الصابرين )

وقد كان للصحابة – رضي الله عنهم – في باب الشجاعة والائتمار بأمر الله ، وامتثال ما أرشدهم إليه – ما لم يكن لأحد من الأمم والقرون قبلهم ، ولا يكون لأحد ممن بعدهم ؛ فإنهم ببركة الرسول ، صلوات الله وسلامه عليه ، وطاعته فيما أمرهم ، فتحوا القلوب والأقاليم شرقا وغربا في المدة اليسيرة ، مع قلة عددهم بالنسبة إلى جيوش سائر الأقاليم ، من الروم والفرس والترك والصقالبة والبربر والحبوش وأصناف السودان والقبط ، وطوائف بني آدم ، قهروا الجميع حتى علت كلمة الله ، وظهر دينه على سائر الأديان ، وامتدت الممالك الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها ، في أقل من ثلاثين سنة ، فرضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين ، وحشرنا في زمرتهم ، إنه كريم وهاب .

الكلمات المفتاحية: