مواضيعالاسلامتفسير القرآن الكريمتفسير قوله تعالى ” اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون “

تفسير قوله تعالى ” اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون “

بواسطة : admin | آخر تحديث : 31 مارس، 2021 | المشاهدات: 159

تفسير قوله تعالى ” اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون “

[ ص: 331 ] سورة الأنبياء وهي مكية .

قال البخاري : حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا غندر ، حدثنا شعبة عن أبي إسحاق : سمعت عبد الرحمن بن يزيد ، عن عبد الله قال : بنو إسرائيل ، والكهف ، ومريم ، وطه ، والأنبياء ، هن من العتاق الأول ، وهن من تلادي .

بسم الله الرحمن الرحيم

( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ( 1 ) ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون ( 2 ) لاهية قلوبهم وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون ( 3 ) قال ربي يعلم القول في السماء والأرض وهو السميع العليم ( 4 ) بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأولون ( 5 ) ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون ( 6 ) )

هذا تنبيه من الله ، عز وجل ، على اقتراب الساعة ودنوها ، وأن الناس في غفلة عنها ، أي : لا يعملون لها ، ولا يستعدون من أجلها .

وقال النسائي : حدثنا أحمد بن نصر ، حدثنا هشام بن عبد الملك أبو الوليد الطيالسي ، حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ( في غفلة معرضون ) قال : ” في الدنيا ” ، وقال تعالى : ( أتى أمر الله فلا تستعجلوه ) [ النحل : 1 ] ، وقال [ تعالى ] : ( اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر ) [ القمر : 1 ، 2 ]

وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة الحسن بن هانئ أبي نواس الشاعر أنه قال : أشعر الناس الشيخ الطاهر أبو العتاهية حيث يقول :

الناس في غفلاتهم ورحا المنية تطحن

فقيل له : من أين أخذ هذا؟ قال : من قوله تعالى : ( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ) . [ ص: 332 ]

[ وروى في ترجمة ” عامر بن ربيعة ” ، من طريق موسى بن عبيدة الآمدي ، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه ، عن عامر بن ربيعة : أنه نزل به رجل من العرب ، فأكرم عامر مثواه ، وكلم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاءه الرجل فقال : إني استقطعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم واديا في العرب ، وقد أردت أن أقطع لك منه قطعة تكون لك ولعقبك من بعدك . فقال عامر : لا حاجة لي في قطيعتك ، نزلت اليوم سورة أذهلتنا عن الدنيا : ( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ) ] .

ثم أخبر تعالى أنهم لا يصغون إلى الوحي الذي أنزل الله على رسوله ، والخطاب مع قريش ومن شابههم من الكفار ، فقال : ( ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث ) أي : جديد إنزاله ( إلا استمعوه وهم يلعبون ) كما قال ابن عباس : ما لكم تسألون أهل الكتاب عما بأيديهم وقد حرفوه وبدلوه وزادوا فيه ونقصوا منه ، وكتابكم أحدث الكتب بالله تقرءونه محضا لم يشب . ورواه البخاري بنحوه .

وقوله : ( وأسروا النجوى الذين ظلموا ) أي : قائلين فيما بينهم خفية ( هل هذا إلا بشر مثلكم ) يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يستبعدون كونه نبيا; لأنه بشر مثلهم ، فكيف اختص بالوحي دونهم; ولهذا قال : ( أفتأتون السحر وأنتم تبصرون ) ؟ أي : أفتتبعونه فتكونون كمن أتى السحر وهو يعلم أنه سحر . فقال تعالى مجيبا لهم عما افتروه واختلقوه من الكذب .

( قال ربي يعلم القول في السماء والأرض ) أي : الذي يعلم ذلك ، لا يخفى عليه خافية ، وهو الذي أنزل هذا القرآن المشتمل على خبر الأولين والآخرين ، الذي لا يستطيع أحد أن يأتي بمثله ، إلا الذي يعلم السر في السماوات والأرض .

وقوله : ( وهو السميع العليم ) [ أي : السميع ] لأقوالكم ، ( العليم ) بأحوالكم . وفي هذا تهديد لهم ووعيد .

وقوله : ( بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه ) هذا إخبار عن تعنت الكفار وإلحادهم ، واختلافهم فيما يصفون به القرآن ، وحيرتهم فيه ، وضلالهم عنه . فتارة يجعلونه سحرا ، وتارة يجعلونه شعرا ، وتارة يجعلونه أضغاث أحلام ، وتارة يجعلونه مفترى ، كما قال : ( انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا ) [ الإسراء : 48 ، والفرقان : 9 ] .

وقوله : ( فليأتنا بآية كما أرسل الأولون ) : يعنون ناقة صالح ، وآيات موسى وعيسى . وقد قال الله تعالى : ( وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها ) [ الآية ] [ الإسراء : 59 ] ; ولهذا قال تعالى : ( ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون ) أي : ما آتينا قرية من القرى الذين بعث فيهم الرسل آية على يدي نبيها فآمنوا بها ، بل كذبوا ، فأهلكناهم [ ص: 333 ] بذلك ، أفهؤلاء يؤمنون بالآيات لو رأوها دون أولئك؟ كلا بل ( إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم ) [ يونس : 96 ، 97 ] .

هذا كله ، وقد شاهدوا من الآيات الباهرات ، والحجج القاطعات ، والدلائل البينات ، على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو أظهر وأجلى ، وأبهر وأقطع وأقهر ، مما شوهد مع غيره من الأنبياء ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .

قال ابن أبي حاتم ، رحمه الله : ذكر عن زيد بن الحباب ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا الحارث بن زيد الحضرمي ، عن علي بن رباح اللخمي ، حدثني من شهد عبادة بن الصامت ، يقول : كنا في المسجد ومعنا أبو بكر الصديق ، رضي الله عنه ، يقرئ بعضنا بعضا القرآن ، فجاء عبد الله بن أبي ابن سلول ، ومعه نمرقة وزربية ، فوضع واتكأ ، وكان صبيحا فصيحا جدلا فقال : يا أبا بكر ، قل لمحمد يأتينا بآية كما جاء الأولون؟ جاء موسى بالألواح ، وجاء داود بالزبور ، وجاء صالح بالناقة ، وجاء عيسى بالإنجيل وبالمائدة . فبكى أبو بكر ، رضي الله عنه ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال أبو بكر : قوموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نستغيث به من هذا المنافق . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إنه لا يقام لي ، إنما يقام لله عز وجل ” . فقلنا : يا رسول الله ، إنا لقينا من هذا المنافق . فقال : ” إن جبريل قال لي : اخرج فأخبر بنعم الله التي أنعم بها عليك ، وفضيلته التي فضلت بها ، فبشرني أني بعثت إلى الأحمر والأسود ، وأمرني أن أنذر الجن ، وآتاني كتابه وأنا أمي ، وغفر ذنبي ما تقدم وما تأخر ، وذكر اسمي في الأذان وأيدني بالملائكة ، وآتاني النصر ، وجعل الرعب أمامي ، وآتاني الكوثر ، وجعل حوضي من أعظم الحياض يوم القيامة ، ووعدني المقام المحمود والناس مهطعون مقنعو رءوسهم ، وجعلني في أول زمرة تخرج من الناس ، وأدخل في شفاعتي سبعين ألفا من أمتي الجنة بغير حساب وآتاني السلطان والملك ، وجعلني في أعلى غرفة في الجنة في جنات النعيم ، فليس فوقي أحد إلا الملائكة الذين يحملون العرش ، وأحل لي الغنائم ، ولم تحل لأحد كان قبلنا ” . وهذا الحديث غريب جدا .

الكلمات المفتاحية: