مواضيعتعليمتنمية المهارات الشخصيةكيف تصبح فيلسوفاً مثل روبرت ريديكه

كيف تصبح فيلسوفاً مثل روبرت ريديكه

بواسطة : admin | آخر تحديث : 25 مارس، 2021 | المشاهدات: 401

كيف تصبح فيلسوفاً في أسبوع

  • من المرجح أنك لا تعرف أين تقع مدينة ” سانت أورنس دي غامفيل ” ولا تعرف أيضاً أن ” بيار بول ريكي ” هو اسم المعهد الذي يستقبل تلامذتها، ولا تعرف أن المعه ولا تلاميده وأساتذته ولا الأختصاصات التي تدرس فيه .
  • وهذا نقص لابد من تداركه في أسرع وقت إذا أردت أن تعد هواة الفلسفة وعشاقها .
  • – والكثير من الناس يودون لو كانوا فلاسفة،إلا أنهم يدركون أن ذلك يطلب وقتا طويلاً وعناء وشقاء مريرين، ويعلمون أن النهاية أن يعيش دارس الفلسفة حياة صعبة يقضيها بين قلة الإقبال على بضاعته وسوء قدرته على مداراة بضائع الآخرين.
  • – ولم يسمع ان طابا شعر بالحاجة إلى دروس خاصة بالفلسفة أو سخياً بادر بالتبرع لفائدة مشروف فلسفي .
  • – لكن يبدو أننا سندخل اليوم تجربة جديدة قد قوفر على المرء عناء فهم المثل الأفلاطونية والقياسات الأرسطية والتأملات الديكارتية والمفاهيم الكانطية تغني عن ثقل فينغنشتاين واستطرادات فوكو وغموض لافيناس .
  • نحن في عصر السرعة والوصفات السريعة هي غذاء العقل وغذاء الروح في آن واحد. من هنا جاءت أهميّة مدينة «سانت أورتس دي غامفيل»، التي ينبغي أن تعدّ بعد اليوم في قيمة أثينا والإسكندريّة وبغداد. إذ برز فيها أستاذ فلسفة يدرّس في معهدها المذكور استطاع في أسبوع واحد أن يصبح فيلسوفا لا يقلّ شهرة عن برغسون وسارتر.

  •  والمرجّح أنّك لم تكن تسمع شيئا عن  كما لم تسمع بمعهده وبمدينته. فاعلم أنّه مكتشف هذه الوصفة السحريّة. وقد طغت أخباره على أخبار الطبيبين فاير وميلو اللذين منحا أخيرا جائزة نوبل للطبّ. هذا المتفلسف الفذّ كتب يوم 19 أيلول (سبتمبر) 2006 مقالا في غاية البساطة احتجّ فيه على منع لباس «السترينغ» في شوارع مدينة باريس، ومضى بعقله الثاقب يبحث عن العلّة الأولى (كما يقول الفلاسفة) فأثبت أنّها «أسلمة» العقول الباريسيّة (ولماذا لا تكون «كثلكتها»، بعد أن أطلقت عاصمة الجمهوريّة العلمانيّة على ساحة من ساحاتها العامّة اسم البابا الراحل؟) وعليه، فقد أصبح من واجب فيلسوف الإشهار، عفوا بل فيلسوف الأنوار، أن يسارع لردّ هجوم «السارازان» (Sarrazins)، ويكشف مكائدهم من مراجعهم.

  • وبما أنّ العصر يطلب السرعة فلم ير متفلسفنا حاجة أن يدرس المستندات بنفسه واكتفى بمراجعة ما كتبه المستشرق ماكسيم رودنسون، ولمزيد ربح الوقت لم يراجع واحدا من الكتاب الكثيرة التي تركها المستشرق الراحل وإنّما اكتفى بمقال له منشور في «الموسوعة الكونيّة»، ودائما تحت ضغط الوقت اكتفى من هذا المقال بنتف منتقاة دون أمانة ولا منهجيّة حول القرآن والنبيّ محمّد. ثم أضاف خاتمة من سامي ابتكاراته ضّمنها بعض النعوت النابية. فاكتملت مقالته في التفلسف التي لا قبل بها للأقدمين والمحدثين، وحازت الصحيفة اليوميّة «لوفيغارو» شرف نشرها.

  • وبدأ الإعلام يتحدّث عن السيّد روبرت ريديكه. وحسب تصريح أدلى به إلى صحيفة «لوموند» مدير المعهد الذي يدرّس فيه الفيلسوف المجهول فإنّ فيلسوفنا البطل قد أخبره قبل أن ينتشر خبر المقال بأنّه سيختفي عن الأنظار تحسّبا من أن يقع ضحيّة المجموعات الأصوليّة، وقد تحقّقت أمنيته وبات مسرورا قرير العين. إذ بادرت قناة «الجزيرة» بإشهار الحدث، وهي أوّل من صبغ على صاحبنا صفة «الفيلسوف» بدل «أستاذ الفلسفة»، وبادر بتهديده بعض الأغبياء من الذين يعانون من التضخّم في الورع والتقوى، وتسارعت وتيرة الأحداث إلى أن بلغت تدخّل رئيس الوزراء الفرنسي ليعلن تضامنه مع الفيلسوف المهدّد. وأصبح اسم ريديكيه يذكر اليوم في المحافل الفكريّة، وبادر كبار المثقفين في أوروبا بتحرير عريضة تسانده وتعلي من شأنه، وشبّهته بعض الصحف بفولتير. ونحن نرجو التعجيل في خلاص الفيلسوف الغائب من غيبته الفلسفيّة ليخرج على الناس بالحقّ المبين في هذا العهد الذي تراجعت فيه قيمة الفلسفة والفلاسفة.

  • ويجدر تنبيه القرّاء من أساتذة الفلسفة في العالم العربي إلى أنّه لن ينفعهم أن يبادروا بكتابة مقال يتهجّمون فيه على أحد الأنبياء الآخرين لينالهم ما نال زميلهم من الشرف، إذ من المستبعد أن يخرج أتباع ديانات أخرى في مظاهرات ويهدّدون بالقتل شخصا من غير ديانتهم يقول في نبيّهم كلاما لا يروق لهم. فالمسلمون هم وحدهم الذين يظهر بينهم من يقيم الدنيا ويقعدها لأنّ كاتبا غير مسلم نشر في صحيفة غير مسلمة تصدر في بلد غير مسلم مقالا فيه إساءة إليهم. فكان الجزاء العادل للغباء أن يصبح الخصوم اليوم من طراز هذا الأستاذ الذي ضحك الذقون ونال مبتغاه بالاستخفاف بالمغفّلين. وكما تقول العبارة الفرنسيّة: لكلٍّ العدوّ الذي يستحقّ. وطالما تواصلت ردّات الفعل العاطفيّة والاعتباطيّة بهذا الشكل الذي أصبح يتكرّر بصفة دوريّة لدى بعض الأوساط في الجاليات المسلمة المقيمة في الغرب فسنرى العديد من المتحيّلين يستفيدون فيما صورة العرب والإسلام تتراجع وتتضرّر.

الكلمات المفتاحية: